مرحبا بكم  بيان حول - مؤتمر الحوار الوطني - في تونس  أطلقوا سراح كافة المعتقلين السياسيين بالمغرب    كارل ماركس : العمل المأجور والرأسمال  فريدريك إنجلز : خطوط أولية لنقد الاقتصاد السياسي ماو تسي تونغ : كيف نحلل الطبقات في الريف
vendredi 18 octobre 2013
07:32

حول مسألة ستالين - وثيقة عن الحزب الشيوعي الصيني قي سبتمبر 1963




تُعدَ مسألة ستالين مسألة كبيرة، مسألة ذات أهمية عالمية، كانت لها انعكاسات داخل جميع طبقات العالم، ولازالت حتى هذا الوقت، تثير نقاشا واسعا. و تعكس آراء متعارضة داخل مختلف الطبقات وتعبيراتها السياسية.
وإذا كان من المتوقع أن لا تُعْطى خلاصة نهائية (حاسمة) في هذا القرن من المسألة، فإن لها داخل الطبقة العاملة الأممية و الشعوب الثورية، ولدى أغلب الناس نفس الآراء في العمق؛ إنهم لا يتفقون مع الرفض الكامل لستالين، و لا يفعلون غير التشبث القوي بذاكرة هذا الأخير. إنه نفس الشيء في الاتحاد السوفياتي. خلافاتنا مع القادة السوفياتيين ليست إلا خلافات مع جزء من الأشخاص. أملنا هو القدرة على إقناع هذا الجزء من الناس، من أجل أن نتقدم بقضية الثورة إلى الأمام. ذلك هو الهدف الذي نطرحه بكتابة هذا المقال.
أكّد الحزب الشيوعي الصيني دائما على أن الرفض الكامل لستالين من طرف الرفيق خروتشوف تحت شعار (تحت عنوان) "النضال ضد عبادة الشخص" خاطئ كليا، أن هذا الرفض تم بنوايا غير معلنة.
تنص رسالة 14 يونيو الأخير للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني على أن "النضال ضد عبادة الشخص" تذهب عكس نظرية لينين المتعلقة بالعلاقة بين القادة والحزب والجماهير، وقوض المبدأ الشيوعي المتعلق بالمركزية الديمقراطية.
لقد تجنبت الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للح.ش.ا.س أي رد على مناظراتنا المبدئية، واكتفت فقط بوصف الح.ش.ص كـ "مناصر لعبادة الفرد وبائع جوال لأفكار ستالين الخاطئة".
لقد قال لينين، عندما كان يناضل ضد المناشفة، "ان عدم الرد على مناظرة احد المعارضين حول مسألة مبدئية، والاكتفاء برميه باتهامات بصورة مفرطة الانفعال، يعني عدم النقاش والتحول الى الشتم". ان موقف اللجنة المركزية للح.ش.ا.س في رسالتها المفتوحة هو بالضبط على شاكلة موقف المناشفة.
وعلى الرغم من ان الرسالة المفتوحة التجأت الى الشتائم عوضا عن النقاش، إلا أننا فضلنا من جانبنا الرد عليها بمناظرات مبدئية وعدد كثير من الحقائق.
لقد كان الاتحاد السوفياتي أول دولة لدكتاتورية البروليتاريا. في البداية، كان القائد الرئيسي للحزب والحكومة في هذه الدولة هو لينين. وبعد وفاة لينين، خلفه ستالين في ذلك.
بعد وفاة لينين، لم يصبح ستالين قائدا للحزب وحكومة الاتحاد السوفيتي فحسب لكن أصبح أيضا القائد المعترف به للحركة الشيوعية العالمية.
لم يمضي سوى 46 سنة على تشيد أول دولة اشتراكية من قبل ثورة أكتوبر. وقد كان ستالين القائد الرئيسي لهذه الدولة على مدى حوالي 30 عاما من هذه السنوات. وسواء بالنسبة لتاريخ دكتاتورية البروليتاريا أو الحركة الشيوعية العالمية ، احتلت نشاطات ستالين مكانا بالغ الأهمية.
لقد ساند الحزب الشيوعي الصيني دائما، فيما يتعلق بتقييم ستالين والموقف الذي يجب اتخاذه تجاهه، الفكرة القائلة أنه لا يتعلق الأمر فقط بالحكم على شخص ستالين، لكن، و هذا هو الأهم، القيام بتقييم التجربة التاريخية لديكتاتورية البروليتاريا و الحركة الشيوعية العالمية منذ وفاة لينين.
في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي، رفض الرفيق خروتشوف ستالين بشكل كامل. حول هذه المسألة المبدئية، و التي تهم الحركة الشيوعية العالمية، لم يتم استشارة الأحزاب الشقيقة من قبل، لقد أرادوا أن يجبروهم (أي الأحزاب الشقيقة) على القبول بالأمر الواقع. أيا كان يقيم ستالين بغير طريقة قيادة الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي، لا يعتبر فقط "كمدافع عن عبادة الشخص"، بل و "كمتدخل" في الشؤون الداخلية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي.
لكن، لا أحد يمكن أن ينكر الأهمية العالمية للتجربة التاريخية لأول دولة لديكتاتورية البروليتاريا، و لا الواقع التاريخي حيث كان ستالين قائد الحركة الشيوعية العالمية؛ وبالتالي، لا أحد يمكن أن يعترض على أن مسألة الحكم على ستالين هي مسألة مبدئية ذات أهمية كبيرة، مسألة تهم معظم الحركة الشيوعية الأممية. إذن ما هي الأسباب التي تجعل قياديي الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي يمنعون الأحزاب الشقيقة من القيام بتحليل حول ستالين وإعطاء تقييم حوله يجيب على الوقائع؟
لقد اعتبر الحزب الشيوعي الصيني دائما أنه يجب القيام بتحليل كامل و موضوعي و علمي حول مآثر(أفضال) وأخطاء ستالين، بالاستناد على المادية التاريخية و تمثيل التاريخ كما هو، و ليس رفض ستالين بشكل كامل، وبطريقة ذاتية و فظة، و بالاستناد إلى المادية المثالية بتحريف و تزوير التاريخ على هوانا.
لقد اعتبر الحزب الشيوعي الصيني أن ستالين قد ارتكب بعض الأخطاء التي لها جذور سواء إيديولوجية أو اجتماعية و تاريخية. نقد أخطاء ستالين، الأخطاء التي ارتكبها حقا، و ليس التي نُسِبت إليه بدون أي أساس، هو شيء ضروري عندما يتم هذا النقد من موقف و بمناهج صحيحين. لكن، لقد كنا دائما ضد نقد ستالين عندما كان يتم بطريقة غير صحيحة، يعني انطلاقا من موقف و بمناهج خاطئين.
في حياة لينين، ناضل ستالين ضد القيصرية و من أجل نشر الماركسية؛ وبعد مشاركته في قيادة اللجنة المركزية للحزب البلشفي الذي كان على رأسه لينين، ناضل من أجل الإعداد لثورة 1917؛ وبعد ثورة أكتوبر، ناضل من أجل الدفاع عن مكتسبات الثورة البروليتارية.
بعد موت لينين، وتحت قيادة ستالين، قام الحزب الشيوعي و شعب الاتحاد السوفياتي بنضال حازم ضد كل الأعداء، سواء أعداء الداخل أو الخارج، نضال سمح بالدفاع عن و توطيد أول دولة اشتراكية في العالم.
تحت قيادة ستالين، طبق الحزب الشيوعي و الشعب السوفياتي خط التصنيع الاشتراكي و تجميع الزراعة بمثابرة، و حققوا نجاحات كبيرة في التحويل و البناء الاشتراكيين.
تحت قيادة ستالين، قام الحزب الشيوعي و الجيش و الشعب السوفياتي بالقتال الأكثر ضراوة وحققوا نصرا كبيرا في الحرب المناهضة للفاشية.
إنه ستالين الذي دافع وطور الماركسية-اللينينية، أثناء الصراع ضد الانتهازيين، ضد أعداء اللينينية، بشتى تلويناتهم، من تروتسكيين، زنوفييفيين، بوخارينيين، و عملاء البرجوازية الآخرين.
إنّه ستالين الذي قدّم إسهاما لا يمكن محوه للحركة الشيوعية العالمية من خلال عدد من الكتابات النظرية التي تشكل أعمالا ماركسية لينينية خالدة.
تحت قيادة ستالين، طبق الحزب و حكومة الاتحاد السوفياتي سياسة خارجية كانت، في الإجمال، متوافقة مع الأممية البروليتارية و ساهمت بمساعدة كبيرة في النضال الثوري لشعوب العالم، بما فيه الشعب الصيني.
كان ستالين على رأس التيار التاريخي لقيادة النضال، وكان عدوّا لدودا للامبريالية و كل الرجعية.
ارتبط نشاط ستالين ارتباطا وثيقا بنضال الحزب الشيوعي الكبير و شعب الاتحاد السوفياتي العظيم؛ كان نشاطه غير منفصل عن النضال الثوري لشعوب العالم كله.
كانت حياة ستالين، حياة ماركسي-لينيني كبير، حياة ثوري بروليتاري كبير.
صحيح أن ستالين، الماركسي-اللينيني والثوري البروليتاري الكبير، الذي أنجز أعمالا (نجاحات) ذات مأثرة لصالح الشعب السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية، ارتكب أيضا أخطاءا. من بين أخطاء ستالين، بعضها كانت أخطاء مبدئية، و البعض الآخر ارْتُكِب في العمل التطبيقي؛ كان من الممكن تفادي بعض الأخطاء، بينما البعض الآخر، كان من الصعب تفاديه في غياب أيّ تجربة سابقة لديكتاتورية البروليتاريا يمكن الاستناد عليها.
في بعض الإشكالات، انزاح منهج تفكير ستالين عن المادية الجدلية ليسقط في الميتافيزيقية و الذاتية، و بهذا، ابتعد عن الواقع و انفصل عن الجماهير.
في الصراعات التي كانت تدور داخل الحزب و خارجه، لم يميز، في بعض اللحظات و في بعض الإشكالات، بين نوعين من التناقضات ذات طبيعة مختلفة – تناقضات بيننا وبين العدو و تناقضات بين صفوف الشعب – و نفس الشيء بالنسبة للمناهج المختلفة لأجل حل هاذين النوعين من التناقضات. إن العمل على تصفية الثورة المضادة، الذي بوشر تحت قيادته، سمح بمعاقبة عدد من العناصر المضادة للثورة التي كانت تستحق ذلك؛ لكن، أيضا حوكم أناس شرفاء ظلما، وبهذا، ارتكب ستالين خطأ توسيع إطار القمع بين 1937 و 1938. في منظمات الحزب وأجهزة الدولة، لم يقم ستالين بتطبيق كامل و شامل للمركزية الديمقراطية أو خالف ذلك بشكل جزئي. في العلاقات بين الأحزاب الصديقة و البلدان الصديقة، أيضا ارتكب أخطاء. بالإضافة الى ذلك، فقد صاغ ستالين داخل الحركة الشيوعية العالمية بعض النصائح الخاطئة. سببت كل هذه الأخطاء أضرارا للاتحاد السوفياتي و الحركة الشيوعية العالمية.
إن المآثر التي اكتسبها ستالين خلال حياته، كما الأخطاء التي ارتكبها، تُعَد واقعا موضوعيا في التاريخ. إذا وضعنا بالتوازي مآثره و أخطاءه، فإنّ مآثره هي التي تتفوق. يشكل ما هو صحيح في نشاط ستالين الوجه الأساسي، و أخطاؤه لا تشغل إلا مكانا ثانويا. عندما يتعلق الأمر بالقيام بتقييم للنشاط الإيديولوجي و كل عمل ستالين، سيرى كل شيوعي شريف قبل كل شيء ما هو أساسي عند ستالين. أيضا، عندما يتعلق الأمر بالمعرفة والنقد بالشكل الصحيح لأخطاء ستالين و التغلب عليها (تجاوزها)، يجب أن نحافظ على ما هو أساسي في حياته، أن نحافظ على الماركسية-اللينينية التي دافع عنها و طورها.
بالنسبة لأخطاء ستالين، الأخطاء التي تشغل فقط مكانا ثانويا، يجب أن تُعْتَبر كدرس تاريخي، كتحذير لشيوعيي الاتحاد السوفياتي و البلدان الأخرى، حتى لا يرتكبوا، هم بدورهم، نفس الأخطاء أو أقل؛ و هذا ليس دون جدوى (ليس باللغو). إن التجربة التاريخية، في جانبها الإيجابي أو السلبي، مفيدة لكل الشيوعيين عندما نقيمها تقييما صحيحا، مطابقا للواقع التاريخي، و عندما نجتنب إخضاعه لأي تشويه.
لقد أشار لينين مرارا على أن الماركسيين يتميزون بشكل كلي عن تحريفيي الأممية الثانية في ما يخص موقفهم تجاه ناس كبيبل و روزا لوكسمبورغ، الذين، رغم أخطائهم، ظلوا ثوريين بروليتاريين عظام. لا يخفي الماركسيون أخطاء بيبل و روزا لوكسمبورغ و آخرين؛ وبمثل هذه الأخطاء، "يتعلمون تفاديها،...". على العكس، يتبنى التحريفيون "بسرور بالغ" أخطاء بيبل و روزا لوكسمبورغ و "يثرثرون" حول ذلك. بهذا الخصوص، يستشهد لينين بحكاية روسية ليسخر من التحريفيين :"يمكن للصقور أن تحلق أحيانا في مستوى أقل من الدجاج، لكن لن يتمكن الدجاج أبدا من الوصول إلى ارتفاع الصقور!" كان بيبل و روزا لوكسمبورغ "شيوعيين كبارا"، رغم أنه حصل أن ارتكبوا أخطاءا، فقد ظلوا "صقورا" بينما لم يكن التحريفيون إلا "دواجن" في "ركمة الزبل" في "الفناء الخلفي للحركة العمالية".
ان الدور الذي لعبه بيبل و روزا لوكسمبورغ و آخرون في التاريخ بعيد على أن نقدر مقارنته بدور ستالين. يجب أن يتم تقييم شخص ستالين بتبصر لأنه كان، لفترة تاريخية كاملة، قائدا عظيما لديكتاتورية البروليتاريا والحركة الشيوعية العالمية.
يتهمنا قادة الحزب الشيوعي السوفياتي "بالدفاع" عن ستالين. نعم، نحن ندافع عنه و نريد الدفاع عنه. منذ أن شوه خروتشوف التاريخ و رفض بشكل كلي ستالين، من الطبيعي أن من واجبنا الغير المشروط، في مصلحة الحركة الشيوعية العالمية، أن نقف للدفاع عنه.
بتحمله الدفاع عن ستالين، يدافع الحزب الشيوعي الصيني عن ما هو صحيح، يدافع عن التاريخ المجيد لنضال أول دولة لديكتاتورية البروليتاريا التي أقامتها ثورة أكتوبر، يدافع عن التاريخ المجيد لنضال الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي، يدافع عن سمعة الحركة الشيوعية العالمية عند شعوب العالم الكادحة. وبإيجاز، يدافع عن الماركسية-اللينينية كنظرية و ممارسة. لم يتصرف الشيوعيون الصينيون لوحدهم هكذا، بل كل الشيوعيين المخلصين للماركسية-اللينينية، كل البشر الذين قرروا القيام بالثورة، كل الناس الشرفاء تصرفوا بهذه الطريقة أو هم في طور القيام بذلك.
عندما أخذنا الدفاع عن ستالين، لم ندافع عن أخطائه. منذ فترة بعيدة، قد مر الشيوعيون الصينيون في تجربتهم الشخصية الخاصة ببعض أخطاء ستالين. اُرْتُكبت أخطاء خطوط داخل الح.ش.ص.، فقد كانت إما انتهازية "يسارية" أو يمينية. في ما يتعلق بأسبابها (الأخطاء) العالمية، اُرْتُكب البعض منها تحت تأثير بعض أخطاء ستالين. منذ نهاية العشرينات، ثم خلال الثلاثينات، و أخيرا في بداية و أواسط الأربعينات، عمل الماركسيون اللينينيون، و الرفاق ماو تسي تونغ و ليو شاوشي كممثليهم، على إيقاف (محاصرة) تأثير بعض أخطاء ستالين، ثم، بعد القضاء (هزيمة) بالتدريج على الخطوط الخاطئة لكل من الانتهازية "اليسارية" و اليمينية، قادوا في النهاية الثورة الصينية إلى النصر.
لكن، بعض الآراء الخاطئة التي دعا لها ستالين و قُبلت و تم تطبيقها من طرف رفاق صينيين، يجب علينا نحن الصينيون تحمل مسؤولية ذلك بأنفسنا. كذلك، انحصر دائما الصراع الذي خيض داخل الحزب ضد الانتهازية "اليسارية" و اليمينية في نقد أولائك الرفاق الذين ارتكبوا تلك الأخطاء، بدل إسقاط المسؤولية على ستالين. كان الهدف من الانتقادات هو التمييز بين الخطأ و الصحيح و استخلاص الدروس و بغية التقدم بقضية الثورة إلى الأمام. كل ما كنا نطلب من هؤلاء الرفاق الذين ارتكبوا أخطاءا هو أن يتقوّموا. إذا لم يتقوّموا، يمكن أن ننتظر حتى يعوا من خلال التجربة العملية، بشرط أن لا ينظموا مجموعات سرية و يمتنعوا عن أي نشاط تخريبي. تبنينا المنهج العادي للنقد و النقد الذاتي داخل الحزب، والذي يتلخص في الانطلاق من الرغبة في الوحدة للوصول إلى النقد أو الصراع حول وحدة جديدة، على أساس جديد؛ لهذا حصلنا على نتائج جيدة. لقد اعتبرنا أنه يتعلق الأمر بتناقضات داخل الشعب، و ليس بتناقضات بيننا و العدو، لهذا كان يجب علينا أن نتبنّى هذا المنهج من أجل حلها (أي هذه التناقضات).
و ماذا كان موقف الرفيق خروتشوف و بعض القادة الآخرين للح.ش.ا.س منذ المؤتمر العشرين تجاه ستالين؟
بدل القيام بتحليل كامل و تاريخي و علمي للعمل الذي قام به ستالين طوال حياته، قاموا برفضه بشكل كامل من دون التمييز بين الصحيح و الخطأ.
بدل معاملة ستالين كرفيق، يعاملونه كما يعاملون عدوا.
بدل تبني منهج النقد و النقد الذاتي و تقييم التجارب و استخلاص الدروس منها، يردون كل الأخطاء على ستالين أو يلصقون له "أخطاء" يتم اختراعها على هواهم.
بدل التفكير و الاستناد على الوقائع، يهاجمون شخص ستالين باستعمال لغة ماكرة و ديماغوجية بغية تسميم عقول الناس.
نزل (a couvert) خروتشوف بشتائم على ستالين، قائلا بأنه "قاتل" و "مجرم" و "قاطع طرق" و"مقامر" و "استبدادي من نوع إيفان الرهيب" و "أكبر ديكتاتور في تاريخ روسيا" و "تافه" و"غبي"...نخشى فعلا أن يتسخ ورقنا و قلمنا عندما نرى أنفسنا مجبرين على تعداد كل هذه النعوت الفضة والسوقية و الشائنة.
لقد سب خروتشوف ستالين قائلا بأنه كان "أكبر ديكتاتور في تاريخ روسيا". ألا يرجع هذا إلى القول أن الشعب السوفياتي عاش خلال ثلاثين سنة، ليس في نظام اشتراكي، لكن تحت "طغيان" "أكبر ديكتاتور في تاريخ روسيا"؟ لن يقبل الشعب السوفياتي الكبير و جميع الشعوب الثورية في العالم أبدا مثل هاته الشتيمة.
لقد سب خروتشوف ستالين واصفا إياه بأنه "استبدادي من نوع إيفان الرهيب". ألا يرجع هذا إلى القول أن تجربة الثلاثين سنة التي أعطاها الح.ش.ا.س و الشعب السوفياتي الكبير لشعوب العالم كله، لم تكن تجربة ديكتاتورية البروليتاريا، بل كانت حياة في ظل سيادة "استبدادي" فيودالي؟ لن يقبل الشعب السوفياتي الكبير و الشيوعيون السوفياتيون وكل الماركسيين-اللينينيين في العالم أبدا مثل هاته الشتيمة!
لقد سب خروتشوف ستالين ناعتا إياه بأنه "قاطع طريق". ألا يرجع هذا إلى القول أنه خلال مرحلة طويلة لأول بلد اشتراكي في العالم كان على رأسه " قاطع طريق". لن يقبل الشعب السوفياتي الكبير و جميع الشعوب الثورية في العالم أبدا مثل هاته الشتيمة.
لقد سب خروتشوف ستالين معاملا إياه كـ"تافه". ألا يرجع هذا إلى القول أن الح.ش.ا.س، الذي قاد نضالا بطوليا خلال العديد من عشرات السنين، كان قائده "تافه"؟ لن يقبل الشيوعيون السوفياتيون وكل الماركسيين-اللينينيين في العالم أبدا مثل هاته الشتيمة!
لقد سب خروتشوف ستالين قائلا بأنه كان "غبيا". ألا يرجع هذا إلى القول أن الجيش السوفياتي الكبير الذي خرج منتصرا من الحرب المناهضة للفاشية، كان قائده الأعلى "غبيا"؟ لن يقبل الضباط و الجنود العظماء و كل المقاتلين المناهضين للفاشية في العالم أبدا مثل هذه الشتيمة!
لقد سب خروتشوف ستالين معتبرا إياه كـ"قاتل". ألا يرجع هذا إلى القول أن الحركة الشيوعية العالمية خلال عشرات السنين كان معلمها "قاتلا"؟ لن يقبل الشيوعيون في العالم كله، بما فيهم شيوعيو الاتحاد السوفياتي أبدا مثل هاته الشتيمة!
لقد سب خروتشوف ستالين مؤكدا على أنه كان "مقامرا". ألا يرجع هذا إلى القول أن الشعوب الثورية في صراعها ضد الامبريالية و الرجعية أخذوا "مقامرا" كحامل علمهم؟ لن تقبل الشعوب الثورية في العالم، بما فيها الاتحاد السوفياتي، أبدا مثل هاته الشتيمة!
مثل هاته الشتائم التي أطلقها خروتشوف، تعد أكبر إهانة يمكن أن يتلقاها الشعب السوفياتي الكبير و الح.ش.ا.س و الجيش السوفياتي، إنّها تعد أكبر إهانة يمكن أن تتلقاها ديكتاتورية البروليتاريا و النظام الاشتراكي، أكبر إهانة يمكن أن تتلقاها الحركة الشيوعية العالمية و الشعوب الثورية في العالم و الماركسية-اللينينية.
عندما ينفخ صدره، و يضرب على الطاولة و يصرخ بكل قوة شاتما ستالين، أي موقع يأخذه خروتشوف، وهو الذي كان في عهد ستالين يشارك في قيادة الحزب و الدولة؟ أيأخذ موقع "القاتل" و "قاطع الطرق"؟ أو موقع "التافه" و "الغبي"؟
ما هو الفرق بين الشتائم الموجهة من طرف خروتشوف لستالين، و بين الشتائم التي يتقيأها الامبرياليون والرجعيون و المرتدون عن الشيوعية حول هذا الأخير؟ لماذا هذا الحقد القاتل على ستالين؟ لماذا يتم الهجوم عليه بشراسة أكبر من العدو؟
عندما يهاجم (combattre) خروتشوف ستالين، إنما في الحقيقة يهاجم (déchaîner) النظام السوفياتي و الدولة السوفياتية. و عندما يتعلق الأمر بالشتائم (en la matière) ، فإنها تخلي المكان لكاوتسكي و تروتسكي و تيتو ودجيلاس و مرتدين آخرين، فاللغة التي يستعملها خروتشوف تتجاوزهم كلهم في الشراسة.
يجب على الناس في سؤالهم لخروشوف الاستشهاد بالمقطع الآتي من الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للح.ش.ا.س: "كيف لهم الشجاعة أن يقولوا مثل هذه الأشياء تجاه الحزب الكبير للينين، تجاه وطن الاشتراكية، تجاه الشعب، الأول في العالم، الذي قام بالثورة الاشتراكية، و صان المكتسبات (conquêtes) العظيمة بنضال ضاري ضد الامبريالية العالمية و الثورة المضادة الداخلية، و الذي أبان (manifester) عن معجزات بطولية ونكران الذات من أجل بناء الشيوعية، و الذي يؤدي واجبه ألأممي بشرف تجاه عمال العالم."
في مقال "حول المعنى السياسي للشتائم، قال لينين :"...في السياسة، غالبا ما كانت الشتائم تخفي غياب الأفكار و العجز الكامل، العجز الفظ (hargneuse) للشاتمين". أليس هو هذا بالضبط حال قادة الح.ش.ا.س.، الملاحقين على الدوام بشبح ستالين، الذين يحاولون حجب غياب الأفكار لديهم و عجزهم الكامل، عجزهم الفظ، عبر شتائم يوجهونها ضد ستالين؟ لا تقبل الأغلبية الساحقة للسوفياتيين على أن نشتم ستالين بهذه الطريقة. فهم يظهرون دائما متشبثين بذاكرته. لقد انفصل قادة الح.ش.ا.س. عن الجماهير بشكل خطير. إذا كانوا يحسون بأنهم ملاحقين و مهددين بشبح ستالين في أي لحظة، فذلك لأنهم في الحقيقة يصطدمون بالسخط العميق للجماهير الشعبية الواسعة تجاه الرفض الكامل لستالين. لازال خروشوف لا يجرأ على إحاطة الشعب السوفياتي و شعوب المعسكر الاشتراكي علما بالتقرير السري الذي يرفض ستالين بشكل كامل و الذي ألقاه في المؤتمر العشرين، لأن الأمر يتعلق بتقرير غير صادق، تقرير سينفّر منه الجماهير ويبعده بشكل خطير عنها.
إن الذي يثير الاهتمام على وجه الخصوص هو أن قادة الح.ش.ا.س. الذين يشتمون ستالين، يعبرون في نفس الوقت عن "الاحترام و الثقة" لآيزانهاور و كينيدي و أمثالهم (congénères)! انهم يلصقون بستالين نعوتا كـ"المستبد مثل إيفان الرهيب" و "أكبر ديكتاتوري في تاريخ روسيا"، وبعكس ذلك، يمتدحون آيزانهاور و كينيدي مؤكدين "أنهم يتمتعون بدعم الأغلبية الساحقة للشعب الأمريكي"! تتم إهانة ستالين بنعته "بالأبله" و على العكس، يتم مدح "نفاذ بصيرة" آيزانهاور و كينيدي! من جهة تُلوث بلا رحمة سمعة الشخص الذي كان ماركسيا لينينيا عظيما، و ثوريا بروليتاريا عظيما و قائدا كبيرا للحركة الشيوعية العالمية، و من جهة أخرى، يتم إطراء قادة الامبريالية. هل يمكن أن يكون ترابط هذه الظواهر مجرد صدفة؟ أليست هي النهاية المنطقية لرفض الماركسية اللينينية؟
إذا لم يكن لخروتشوف ذاكرة قصيرة، يجب عليه أن يتذكر بأنه هو نفسه قد أدان من هاجم ستالين، وذلك في اجتماع عُقد في موسكو في يناير 1937، حيث قال: "بمهاجمتهم للرفيق ستالين، إنهم يهاجموننا نحن كلنا، يهاجمون الطبقة العاملة و الشعب الكادح! بمهاجمتهم للرفيق ستالين، يهاجمون مذهب ماركس و انجلس و لينين!". يجب أن يتذكر بأنه، هو نفسه، قد امتدح ستالين لعدة مرات بالقول بأنه كان "صديقا قريبا، و رفيقا في السلاح للينين العظيم"، و "أكبر عبقري و معلم و قائد للإنسانية"، و "أعظم مارشال ينتصر دائما"، و "أخلص صديق للشعب"، و بأنه كان بمثابة "الأب" بالنسبة إليه.
إذا قارنا التصريحات التي أعطاها خروتشوف أثناء حياة ستالين بتلك التي أدلى بها بعد موته، سنرى بأنه قام برِدّة كاملة (volte-face) بزاوية 180 درجة في تقييمه لستالين.
إذا لم يكن لخروتشوف ذاكرة قصيرة، بالتأكيد يجب أن يتذكر بأنه، هو بنفسه، من ساند و طبق بحمية خاصة، سياسة تصفية الثورة المضادة في زمن قيادة ستالين.
في 6 يناير 1937، عند انعقاد الكنفرنس الخامس للحزب في منطقة موسكو، قال خروتشوف:
"سيسحق حزبنا على عصابة الخونة و المرتدين بلا رحمة، سينحي من على سطح الأرض كل أوباش التروتسكية اليمينية...الضمانة هي القيادة الراسخة للجنتنا المركزية، و القيادة الراسخة لقائدنا، الرفيق ستالين...سوف نحطم كل الأعداء، حتى آخر رجل، و نذرو رمادهم في الريح".
لقد أعلن خروتشوف في 8 يناير 1938 عند انعقاد الكنفرنس الرابع للحزب في منطقة كييف :"يريد الياكيرين (Yakyirs)، والباليتسكيين (Balyitskys)، والليوبجينكيين (Lyubcjenkys)، والزاتونسكيين (Zatonskys)، و رعاع آخرين إدخال الملاكين العقاريين البولونيين في أوكرانيا، و يريدون جلب الفاشيين هنا، الملاكون العقاريون و الرأسماليون الألمان ... لقد صفينا عددا لا بأس به من الأعداء، لكن لازلنا لم نصفّهم كلهم. لهذا يجب أن نبقى حذرين. يجب أن نستوعب جيدا ما قاله الرفيق ستالين : ما دامت توجد هناك محاصرة رأسمالية، سيدخل بلادنا المخربون و الجواسيس".
لماذا يرفض خروتشوف، و هو الذي شارك في قيادة الحزب و الدولة في زمن ستالين و ساند بهمة كبيرة و طبق بتصميم، إبان تلك الفترة، سياسة تصفية الثورة المضادة، لماذا يرفض بشكل كامل كل ما تم إنجازه في تلك الفترة و ألقى كل الأخطاء على ظهر ستالين، و في نفس الوقت يحرص على تنظيف يديه من كل ذلك؟
عندما أخطأ ستالين، قد كان لازال قادرا على ممارسة النقد و النقد الذاتي. مثلا، أعطى ستالين نصائح خاطئة فيما يتعلق بالثورة الصينية، لكن بعد انتصار هذه الأخيرة، اعترف بخطئه. حتى الأخطاء المرتكبة في تطهير الحزب، قد اعترف بها في التقرير المرفوع للمؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي (البلشفي) للإتحاد السوفياتي في 1939. ولكن ماذا عن خروتشوف؟ إنه ببساطة لا يعرف ماذا يعني النقد الذاتي. لا يعرف سوى شيء واحد! إلقاء مسؤولية كل الأخطاء على الآخرين و ينسب لنفسه كل الفضل.
أن تكون هذه الأفعال الغير الجديرة مرتكبة من طرف خروتشوف، في زمن تنتشر فيه التحريفية المعاصرة، ليس بشيء مدهش. فكما قال لينين في 1915 عندما كان ينتقد الأفعال التي خان بها تحريفيو الأممية الثانية الماركسية:
"في زمن الكلمات المنسية، و المبادئ الضائعة، و مفاهيم العالم المقلوبة، و القرارات و الوعود المجلجلة التي ترمى في القمامة، ليس هناك أي شيء يمكن أن يدهش".
تثبت سلسلة الأحداث التي جرت منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي بما يكفي خطورة النتائج التي أدى إليها الرفض الكامل لستالين من طرف قيادة الح.ش.ا.س.
لقد قدَّم الرفض الكامل لستالين للامبريالية و كل الرجعية أسلحة مناهضة للسوفييت و للشيوعية و هم ليسوا إلا سعداء بالحصول عليها. على إثر إغلاق المؤتمر العشرين للح.ش.ا.س. لأشغاله، استعملت الامبريالية التقرير السري لخروتشوف ضد ستالين لتشن حملة واسعة في العالم مناهضة للسوفييت وللشيوعية.
لقد انقضّت الامبريالية و الرجعية و زمرة تيتو و الانتهازيين من جميع الألوان على الفرصة للانفراد بالاتحاد السوفياتي و المعسكر الاشتراكي و الأحزاب الشيوعية، حتى أن بعض الأحزاب الشقيقة والبلدان الشقيقة و جدت نفسها في وضع صعب.
إن الحملة الهوجاء لقيادة الح.ش.ا.س. ضد ستالين جعلت التروتسكيين، الذين لم يعودوا منذ زمن بعيد سوى جثث سياسية، ينتعشون و يزعقون بأنه يجب "رد الاعتبار" لتروتسكي. عندما باشر المؤتمر الثاني و العشرون للح.ش.ا.س. ختام أعماله في نوفمبر 1961، كتب الأمين الأممي لما يسمى بالأممية الرابعة في "رسالة للمؤتمر 22 للح.ش.ا.س. أن تروتسكي قد صرح في 1937 بأنه في المستقبل سيُشيد نصبا تذكاريا على شرف ضحايا ستالين"، و "اليوم، تؤكد الرسالة، بأنّ النبوءة قد تحققت. أمام مؤتمركم، وعد الأمين العام لحزبكم بإقامة هذا النصب". تطلب الرسالة بشكل خاص على أن يكون اسم تروتسكي "منقوشا بحروف ذهبية على النصب المبني على شرف ضحايا ستالين". لم يُخفِ التروتسكيون فرحتهم، فهم يعتبرون أن الحركة التي أطلقتها قيادة الح.ش.ا.س. ضد ستالين قد "فتحت الباب للتروتسكية" و أن هذه الحركة "جد ملائمة لصعود التروتسكية و تنظيمها، الأممية الرابعة".
بالرفض الكامل لستالين، يظهر أن لقيادة الح.ش.ا.س. أهدافا غير معلنة.
لقد مات ستالين في 1953؛ بعد ذلك بثلاث سنوات، في المؤتمر العشرين، شنت قيادة الح.ش.ا.س هجومات عنيفة ضده؛ بعد سنوات من موته، في المؤتمر الثاني و العشرين، هاجمت مرة أخرى ستالين و أزالت و حرقت جثمانه الميت. بالهجوم مرات عديدة على ستالين، أرادت قيادة الح.ش.ا.س. محو التأثير غير الزائل لهذا الثوري البروليتاري العظيم على الشعب السوفياتي و شعوب العالم الأخرى، و كذلك فتح الطريق لرفض الماركسية اللينينية التي دافع عنها و طورها ستالين، و التطبيق الشامل لخطها التحريفي.
لقد بدأ الخط التحريفي لقيادة الح.ش.ا.س. بالضبط مع المؤتمر العشرين ليصبح نظاما مكتملا مع المؤتمر الثاني و العشرين. الأحداث التي تبعت ذلك أثبتت بوضوح دائم أن تشويه قيادة الح.ش.ا.س. لمذهب الماركسية اللينينية حول الامبريالية، و الحرب و السلام، و الثورة البروليتارية، و الثورة في المستعمرات و شبه المستعمرات، و الحزب البروليتاري...مرتبط بالرفض الكامل لستالين.
لقد تم الرفض الكامل لستالين من طرف قيادة الح.ش.ا.س. تحت يافطة "النضال ضد عبادة الشخص".
إن "النضال ضد عبادة الشخص" الذي صاغته قيادة الح.ش.ا.س. لا ينحو أبدا، كما يدعون، الى إعادة ما يسمونه "المبادئ اللينينية للحياة الداخلية للحزب و قيادته". على العكس، إنه (أي هذا النضال) يذهب عكس مذهب لينين في ما يتعلق بالعلاقات بين القادة، و الحزب، و الطبقات و الجماهير، و مبدأ المركزية الديمقراطية للحزب.
فالماركسيون اللينينيون يرون أنه لكي يشكل الحزب الثوري أركان حرب حقيقي للبروليتاريا، يجب عليه أن يحل بشكل صحيح العلاقات بين القادة، و الحزب، و الطبقات و الجماهير، و التنظيم حسب مبدأ المركزية الديمقراطية. يجب أن يكون لمثل الحزب نواة قائدة مستقرة نسبيا. يجب أن تتكون هذه النواة من قادة مجربين، قادة يعرفون أن يوحدوا بين الحقيقة الكونية للماركسية اللينينية و الممارسة الملموسة للثورة.
يبرز قادة الحزب البروليتاري في الصراع الطبقي و الحركة الثورية للجماهير، إن هؤلاء القادة، أكانوا أعضاء في اللجنة المركزية أو لجنة محلية للحزب، أوفياء بشكل مطلق تجاه الجماهير، إنهم من لحم و دم الجماهير، يعرفون تجميع أفكار الجماهير بشكل ملموس و تطبيقها بشكل متسق. مثل هؤلاء القادة، هم الممثلون الحقيقيون للجماهير، ومعترف بهم من طرف الجماهير. إن حضور مثل هؤلاء القادة على رأس الحزب هو تعبير عن النضج السياسي، و في حضورهم يكمن أمل انتصار قضية البروليتاريا.
لقد كان لينين محقا تماما عندما قال :"لم تستطع أي طبقة في التاريخ السيطرة بدون أن تجد بداخلها قادة سياسيين، ممثلين طليعيين قادرين على تنظيم الحركة و قيادتها". و يقول أيضا :
"إن قادة الحزب المجربين و المؤثرين، يتكونون بشكل بطيء و بصعوبة. وبدون ذلك، تظل ديكتاتورية البروليتاريا، "وحدة إرادتها"، جملة جوفاء".
لقد تمسك الحزب الشيوعي الصيني دائما و بشدة بمذهب الماركسية اللينينية حول دور الجماهير الشعبية و الفرد في التاريخ، بمذهب الماركسية اللينينية حول العلاقات بين القادة و الحزب، و الطبقات و الجماهير، بالمركزية الديمقراطية في الحزب. لقد استمر على نهج القيادة الجماعية، لكن، عارض استصغار دور القادة. و في الوقت الذي نعطي فيه أهمية لدور القادة، نرفض الامتداح المبالغ فيه للفرد، المدح الذي لا يتطابق مع الواقع، أن نبالغ في دور الفرد. منذ 1949، و تبعا لمقترح قدمه الرفيق ماو تسي تونغ، قررت اللجنة المركزية للح.ش.ص منع أية مظاهرة على شرف قادة الحزب بمناسبة عيد ميلادهم، و استعمال اسم قائد حزب لمكان أو شارع أو شركة.
تختلف هذه النظرة، التي تبنيناها دائما و التي تعد صحيحة، بشكل عميق عن "النضال ضد عبادة الشخص" التي تنادي بها قيادة الح.ش.ا.س.
يتضح أكثر فأكثر على الدوام أنه بالمناداة بما يسمى "النضال ضد عبادة الشخص"، لا تهدف قيادة الح.ش.ا.س في حقيقة الأمر إطلاقا، كما تدّعي، إلى تطوير الديمقراطية، وتطبيق القيادة الجماعية، ومعارضة المبالغة في دور الفرد، بل إنها تهدف لشيء آخر تماما.
إذن، في ماذا يكمن جوهر "النضال المزعوم ضد عبادة الشخص" الذي تقوم به قيادة الح.ش.ا.س؟
ان جوهر المسألة، وبصراحة، ليس سوى :
1. تحت ذريعة "النضال ضد عبادة الشخص"، يتم معارضة قائد الحزب، ستالين، بمنظمة الحزب، بالبروليتاريا، و بالجماهير الشعبية؛
2. تحت ذريعة "النضال ضد عبادة الشخص"، يتم تشويه حزب البروليتاريا، تشويه ديكتاتورية البروليتاريا، و تشويه النظام الاشتراكي؛
3. تحت ذريعة "النضال ضد عبادة الشخص"، يتم الدعاية لشخوص قيادة الح.ش.س بالمزايا الحميدة، والهجوم على الثوريين الأوفياء للماركسية اللينينية و فتح الطريق للمتآمرين التحريفيين حتى يستطيعوا الاستيلاء على قيادة الحزب و الدولة؛
4. تحت ذريعة "النضال ضد عبادة الشخص"، تقوم قيادة الح.ش.س بالتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب الشقيقة و البلدان الشقيقة، و الشروع، حسب ما يوافقها، في القضاء على قيادة الأحزاب الشقيقة و البلدان الشقيقة؛
5. تحت ذريعة "النضال ضد عبادة الشخص"، يتم ضرب الأحزاب الشقيقة التي تتشبث بثبات بالماركسية اللينينية ويتم خلق الانقسامات في الحركة الشيوعية العالمية.
بصياغته لـ"النضال ضد عبادة الشخص"، لا يجري خروتشوف إلا وراء مؤامرة سياسية خسيسة. كما يصف ذلك ماركس، "إذا كان عاجزا، باعتباره منظرا، فإنه في التآمر، من أربابه" "s il est une nullité en tant que théoricien, en tant qu intrigant, il est dans son élément"
في رسالتها المفتوحة، تنادي اللجنة المركزية للح.ش.ا.س "بفضح عبادة الشخص و النضال ضد تبعاتها" من جهة، وفي نفس الوقت تنادي "بتقدير عظمة الشخصيات" التي "تتمتع بحظوة مستحقة". ماذا يعني هذا؟ بكل بساطة: ان قيادة الح.ش.ا.س تدوس بأرجلها ستالين و ترفع خروتشوف إلى الأوج بالإطراء.
تشيد (القيادة) بخروتشوف الذي لازال لم يكن شيوعيا لحظة ثورة أكتوبر، و الذي كان إطارا ثانويا في العمل السياسي خلال الحرب الأهلية بتقديمه كـ"مؤسس نشيط للجيش الأحمر".
تنسب لخروتشوف بشكل كلي الفضل الكبير في المعركة الحاسمة في الحرب الوطنية للاتحاد السوفياتي، مدعية بأن "غالبا ما كان يسمع صوت خروتشوف" في معركة ستالينغراد، و أن "خروتشوف كان روح أولئك الذين كانوا في ستالينغراد".
تسجل لخروتشوف بشكل كلي الانجازات الكبيرة التي تم تحقيقها في ميدان السلاح النووي و تقنية الصواريخ، ويتم تسميته "أب الفضاء الخارجي". و الحال، لا يوجد أحد يجهل أن صناعة الاتحاد السوفياتي للقنابل النووية و الهيدروجينية كانت إنجازات كبيرة مكتملة في عهد قيادة ستالين، من طرف طاقم الموظفين العلميين و التقنيين و الشعب العامل للاتحاد السوفياتي. في هذه الفترة كذلك، تم إرساء أسس تقنية الصواريخ. كيف يمكن أن نشطب بجرة قلم هاته الإنجازات التاريخية المهمة؟ كيف يمكن ان ينسب كل الفضل لخروتشوف؟
تشيد قيادة الح.ش.ا.س. بخروتشوف الذي حرف المبادئ الأساسية للماركسية اللينينية و الذي يعتبر اللينينية نظرية انقضى عهدها (périmé)، مدعية أنه أعطى مثالا متألقا لتطوير و "إغناء خلاق للنظرية الماركسية اللينينية". كل ما قامت به قيادة الح.ش.ا.س.، تحت غطاء شعار "النضال ضد عبادة الشخص"، يرجع في الواقع، كما قال لينين، إلى إبدال "القادة القدماء الذين يتشبثون بأفكار إنسانية حول الأشياء البسيطة، بقادة جدد يطلقون أشياء بليدة و مشوشة بشكل مدهش".
تصف الرسالة المفتوحة للجنة المركزية للح.ش.ا.س قذفا موقفنا المتشبث بحزم بالماركسية اللينينية "بمحاولة من طرفنا لفرض الوضع الذي كان قائما، و الإيديولوجيا، و الأخلاق، و الأشكال، و مناهج القيادة التي كانت تهيمن خلال فترة عبادة الشخص على الأحزاب الأخرى". مثل هذا التأكيد، يبين وبوضوح مدى سخافة "النضال ضد عبادة الشخص".
بموجب التصريحات التي يطلقها قادة الح.ش.ا.س، تبع ثورة أكتوبر التي وضعت نهاية للرأسمالية في روسيا، دخول الاتحاد السوفياتي في "مرحلة عبادة الشخص". على ما يبدو، لم يكن "النظام الاجتماعي" و "الإيديولوجيات و الأخلاق" لهاته المرحلة اشتراكيين. فخلال هذه الفترة، كان الشعب السوفياتي الكادح يرزح تحت "عبءٍ رهيب"، حيث كان يسود "جو من الخوف، و الارتياب و التردد سمم حياة الشعب"، وأعاق تطور المجتمع السوفياتي آنذاك.
في خطابه في اجتماع الصداقة السوفياتية الهنغارية، في 19 يوليو/ تموز 1963، أسهب خروتشوف في الكلام على السيطرة "الإرهابية" لستالين، مدعيا بأن هذا الأخير "كان يحافظ على سلطته بالفأس". واصفا الوضع الاجتماعي آنذاك، مؤكدا أن "في تلك الحقبة، يحدث في اغلب الأحيان أن نذهب إلى العمل دون أن نعرف هل أننا سنعود إلى بيتنا، هل أننا سنرى مرة ثانية زوجتنا و أطفالنا أم لا".
إذن فقد كانت "مرحلة عبادة الشخص" التي تتكلم عنها قيادة الح.ش.ا.س مجتمعا حرفيا، أكثر "كرها" و أكثر "وحشية" من مجتمع الإقطاعية و الرأسمالية.
حسب تأكيدات قيادة الح.ش.ا.س، ان ديكتاتورية البروليتاريا، و النظام الاجتماعي الاشتراكي الذي أقامته ثورة أكتوبر، قد فشلا، وعلى مدى عشرات السنين، في إزالة العبء الذي كان يتحمله الشعب الكادح، ولم يسرّعا من تطور المجتمع؛ بل فقط بعد المؤتمر العشرين للح.ش.ا.س. الذي قام "بالنضال ضد عبادة الشخص"، تحرر الشعب الكادح من "العبء الرهيب" و فجأة تم "تسريع تطور المجتمع السوفياتي".
قال خروتشوف :"آه، لو أنّ ستالين قد مات عشر سنوات قبل تاريخ وفاته!" كما يعرف الجميع فإنّ ستالين قد مات في 1953؛ فلو كان قد مات عشر سنوات قبل هذا التاريخ، لكان ذلك عام 1943 بالضبط، العام الذي انتقل فيه الاتحاد السوفياتي إلى الهجوم المضاد في الحرب الوطنية العظيمة. من كان في ذلك الوقت يتمنى موت ستالين؟ إنّه هتلر!
إنّ استعمال الشعارات من نوع "النضال ضد عبادة الشخص" من قبل أعداء الماركسية اللينينية للهجوم على قادة البروليتاريا، وتخريب قضية البروليتاريا، ليس شيئا جديدا في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية. لقد كان ذلك مناورة خسيسة تم كشفها من قبل الجماهير منذ زمان بعيد.
فقد استعمل باكونين، الذي كان متآمرا في زمن الأممية الأولى، مثل هذه العبارات في الطعن في ماركس. في البداية، من أجل كسب ثقة ماركس، كان يكتب :"أنا تلميذك و أنا فخور بذلك". بعد أن فشلت محاولته للاستيلاء على قيادة الأممية الأولى، وصل به الأمر إلى شتم ماركس في هاته العبارات :"باعتباره ألمانيا و يهوديا، إنه سلطوي من الرأس إلى الأرجل"، "إنه ديكتاتور".
واستعمل كاوتسكي، مرتد حقبة الأممية الثانية، أيضا نفس النوع من العبارات لشتم لينين. لقد قذف لينين ممثلا إياه كـ"إله التوحيديين" الذي "لم يختزل الماركسية في قانون دين دولة فحسب، بل أكثر من ذلك في عقيدة للقرون الوسطى أو ديانة شرقية".
وفعل تروتسكي، مرتد حقبة الأممية الثالثة، نفس الشيء بشتمه لستالين في عبارات مماثلة. لقد قال أن ستالين كان "استبداديا" و أن "البيروقراطية الستالينية، قد خلقت عبادة حقيرة للقائد، من خلال نسب خاصية القداسة لهذا الأخير".
كذلك استعملت عصابة التحريفي المعاصر تيتو أيضا عبارات مشابهة لشجب ستالين.
يظهر من كل هذا أن شعار "النضال ضد عبادة الشخص" الذي أطلقته قيادة الح.ش.ا.س. جاء في خط مستقيم مع باكونين و كاوتسكي و تروتسكي و تيتو، إنّه يخدم مناهضة قادة البروليتاريا و تخريب الحركة الثورية للبروليتاريا.
لم يستطع الانتهازيون في تاريخ الحركة الشيوعية العالمية محو عمل ماركس و انجلس و لينين بالتشويه (diffamation ). لذا لن يستطيع خروتشوف أيضا محو عمل ستالين باستعمال نفس الوسيلة.
لقد أشار لينين إلى أنّ الموقع ذو الامتياز لا يضمن نجاح التشويه.
لقد استطاع خروتشوف الاستفادة من امتياز موقعه لإزالة الجثمان الميت لستالين من ضريح لينين، لكن إذا كان يريد الاستفادة من نفس الموقع لمحو الوجه العظيم لستالين من قلب الشعب السوفياتي و شعوب العالم كله، فلن يستطيع ذلك أبدا.
يستطيع خروتشوف الاستفادة من هذا الموقع ليضيف هذا التزوير أو ذاك للماركسية اللينينية، لكن، لن يستطيع أبدا الاستفادة منه بغية دحض الماركسية اللينينية التي دافع عنها ستالين والماركسيون اللينينيون في العالم كله، إن هو حاول ذلك.
نريد عن صدق أن نعطي للرفيق خروتشوف هذه النصيحة: نأمل أن تعود من تيهاناتك، و أن تأخذ مرة ثانية طريق الماركسية اللينينية، و تترك هذا النهج الخاطئ كليا.
عاش المذهب الثوري العظيم لماركس و انجلس و لينين و ستالين!

13 سبتمبر 1963


لا تنسي الاشتراك في الموقع ليصلك كل جديد

اشترك في القائمة البريدية ر

أشترك ليصلك جديد المواضيع!

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire